المقالات

العقلية الحالمة لا تحقق الأحلام!

 

دوما نسمع هذه العبارة المضللة «احلم فالحلم ببلاش»! نعم مضللة لأنها ناقصة. صحيح أنه لا أحد يستطيع أن يمنعك من الحلم أو يجعلك تدفع مقابل الحلم، ولكن لن يتحقق الحلم حتى تدفع. والدفع يكون على شكل صحة، ووقت، ومال، وجهد تضحية، وتركيز، وإصرار حتى يتحقق الحلم أو يتحول إلى محال كما وصفه الإمام الشافعي:

ومن طلب العلا بغير كده

أضاع العمر في طلب المحال

بسبب هذه العبارة المضللة أصبح عدد الحالمين كبيرا، وقلة منهم من يحقق حلمه! بسبب هذه العبارة المضللة أصبحنا نعيش بعقلية حالمة بعيدة عن الواقع، عقلية تتصف بخمس صفات كفيلة بأن تجعل حلمها مجرد حلم لا يتحقق، بل كابوسا مزعجا!

1. حلم بلا علم:

في عام 2000 قام كريستوفر بيترسون عالم النفس بجامعة ميشيجان، وهو مؤسس حركة علم النفس الإيجابي بتعريف التفكير الإيجابي بأنه التفاؤل الواقعي الذي لا يتجاهل التهديدات! وهذا هو التعريف الصحيح للحلم الحقيقي، الحلم الواعي الذي يعلم صاحبه كيف يتحقق. الحلم المقترن بعلم صاحبه بمتطلباته (المعرفية والمهارية والمادية والنفسية..)، والعلم بتحدياته، والعلم بفرص تحقيقه، لأن عدم العلم بها يجعل من أحلامنا أحلام يقظة.

2. وهم بلا فهم:

يشجع غابرييل أويتنغن مؤلف كتاب «إعادة التفكير الإيجابي» الناس على الحلم وتخيل أهدافهم، ثم فهم جميع المشكلات التي قد يواجهونها. لأن فهم العقبات التي تقف في طريق أحلامنا يساعد على تحقيق الحلم ويخلصنا من وهم أن الأحلام ببلاش، وأن الطريق ممهد بالورود، وأن إطلاق العملاق الذي بداخلك كفيل بتحقيق لك كل شيء، واستخدام قانون الجذب كاف لجذب كل شيء لك.

3. أمل بلا عمل:

يعرف المفكر ويلسون الأمل بأنه الاعتراف بالصعوبات والخسارة، بينما خيبة الأمل هي توقع أن كل شيء سيتحقق بشكل صحيح. الأمل يعني استمرار العمل، لأن الأمل القائم على عمل يجعلنا نتعلم من أخطائنا ويزيد من فرص نجاحنا من خلال توقع الصعوبات وتخفيفها، بينما الحلم القائم على الوهم وقلة العمل مصيرهما خيبة أمل.

4. طموح بلا جروح:

أكدت سونيا ليوبوميرسكي مؤلفة كتاب «كيف السعادة» أن جهود وطاقة الفرد الذي يسعى لتحقيق السعادة أكثر من اللازم ستتراجع ويصاب صاحبها بالإحباط! لأن الحياة مزيج من هذا وهذا، بينما صاحب العقلية الحالمة لا يتوقع إلا النصف الممتلئ من الكأس! وهذا هو حال الحالم الذي لا يريد أن يقتنع أنه من الحلم تحقيق الطموح دون تنازلات وتضحيات وألم!

5. أفكار بلا معيار: حذر سيليجمان من أن الحلم قد يمنعنا أحيانا من رؤية الواقع بالوضوح اللازم! وكذلك الحال مع الأفكار الإبداعية الكبرى غير المنضبطة التي تحتاج إلى صندوق عمل بعد أن خرجت من خارج الصندوق! لأن الانفتاح التقني ساعد على البناء على أفكار الآخرين، وأصبحت الفكرة وحدها لا تكفي، والأحلام القائمة على أفكار إبداعية دون خطة عمل واضحة هي مجرد أحلام وأفكار لا قيمة لها. وتوليد الأفكار دون رعاية أمر غير مستحب، بل ابتلاء كحال ولادة 20 طفلا لأسرة واحدة دون دعم ورعاية.

العقلية الحالمة

حلم بلا علم + وهم بلا فهم + أمل بلا عمل + طموح بلا جروح + أفكار بلا معيار

S_Meemar@