المقالات

قراراتك منطقية أم عاطفية!

 

 

 

قبل سنوات اكتشف عالم الأعصاب الدكتور Antonio Damasio من خلال دراسته لعدد من الأشخاص الذين تضررت لديهم بعض الخلايا الدماغية المسؤولة عن العاطفة، أن قرارتنا مصدرها العاطفة، حيث إنهم كانوا غير قادرين على صناعة أبسط القرارات، مع أن الجزء الخاص بالمنطق لديهم لم يتضرر!

على الرغم من ذلك هذه ليست الإجابة الوحيدة عن التساؤل الذي وضعناه كعنوان للمقال، فهناك مدرسة تقول بأن العاطفة وحدها لا تكفي، ويجب عمل توازن بين العاطفة والمنطق عند صناعة قرار، وهناك رأي ثالث يقول إنه لا يوجد قرار صائب بلا منطق بل دخول العاطفة سبب في ارتفاع نسبة الخطأ في قراراتنا!


وأنت لأي المدارس الثلاث تميل؟ ما رأيك قبل ترجيح مدرسة أن تضع نفسك مكان هذا الشاب وتتخذ قرارا في دراسة الحالة التالية (قرر شاب الزواج، وكان لديه ثلاثة خيارات لثلاث فتيات جميلات، فقام بإعطاء كل فتاة من هؤلاء 5 آلاف دولار، فقامت الأولى بصرف كامل المبلغ على نفسها وعلى زينتها، وقامت الثانية باستثمار المبلغ بالكامل، بينما الثالثة صرفت كامل المبلغ على الشاب نفسه)! لو كنت مكان الشاب أي فتاة ستتزوج؟!

لا أحتاج إجابتك الآن ولا أحتاج إجابتك على عنوان المقال! لكن ما أردت الذهاب إليه أننا اليوم في عالم متسارع جدا في أحداثه وتغيراته وتحدياته لذا معظم قراراتنا عاطفية، ونتخذ قرارات سريعة بناء على ما نريد، لا على ما نحتاج! ومع هذا حتى الأحداث المفصلية التي لا تحتاج إلى قرار عاجل فإننا نميل إلى العاطفة في اتخاذها! لذا لا يمكن إهمال دور العاطفة في منظومة صناعة القرار، لذا السؤال الأهم كيف نتحكم في مشاعرنا الأساسية لصناعة قرار منطقي؟!

وضع Robert Plutchik عام 1980 مخططا عاما للعواطف عرف باسم عجلة بلوتشيك للعواطف، وهي عبارة عن أربع عواطف أساسية والمضاد لها (السعادة والحزن – الثقة والاشمئزاز – الخوف والغضب – المفاجأة والتوقع)، وبناء على هذه العواطف يمكن الخروج بأربع قواعد تساعد على صناعة قرار منطقي من خلال التحكم بهذه العواطف الأساسية.

أولا: لا تتخذ قرارا في حالة الفرح الشديد أو الحزن الشديد، لأنها في الغالب قرارات غير منطقية واستجابة سريعة لمشاعر لحظية في الغالب نتائجها عكسية على المدى البعيد.

ثانيا: لا تبن قراراتك بناء على الأشخاص بل على السلوك، ولا تجعل الحكم على السلوك بناء على الأشخاص! حتى لا تبني مشاعر الثقة بناء على مشاعرك المتقلبة تجاه الأشخاص وقربك وبعدك منهم.

ثالثا: لا تصدر أحكاما أو قرارات في لحظات الخوف والغضب، لأنها من المشاعر المهددة للعقل وتعمل شللا لمنظومة بناء القرار المنطقي وتحجم الإدراك، مما ينتج عنه قرار مشوه لأن العقل لا يعمل تحت التهديد.

رابعا: ارفع مهارتك في بناء القرارات والتصورات المستقبلية، بناء على حساب الفرص والمخاطر المتوقعة وعدم جعل المفاجأة هي الأساس لكل قراراتك، بل جعل حتى المفاجأة محسوبة.

لصناعة قرار منطقي

لا تتخذ قرارا في حالة الفرح الشديد أو الحزن الشديد، لأنها في الغالب قرارات غير منطقية ولها نتائج عكسية.

ابن قراراتك بناء على السلوك، لا على الأشخاص، ولا تجعل الحكم على السلوك بناء على الأشخاص!

الأحكام أو القرارات الصادرة في لحظات الخوف والغضب من المشاعر المهددة للعقل وتعمل شللا لمنظومة بناء القرار المنطقي.

ارفع مهارتك في بناء القرارات والتصورات المستقبلية بناء على حساب الفرص والمخاطر المتوقعة.

@S_Meemar