المقالات

4 قواعد للعقل المعطاء!

العالمان Jorge Mall وGaramfan وجدا دلالات علمية على أن العطاء يستحث جزأين مهمين من الدماغ في المركز العاطفي «Mesolimbic» و«Sublingual cortex»، واللذين يؤديان وظيفة التعزيز السلوكي، أي إعادة وتكرار السلوك نفسه بعد الشعور بالنشوة والفرح، واستحثاث المنطقة الدماغية المسؤولة عن الانتماء الاجتماعي والشعور بالروابط الاجتماعية العاطفية الدافئة والحميمة.

ومن هنا فإن العطاء لا يعمل على تثبيط الأنانية فقط، بل يؤدي إلى الشعور بالسعادة. وفي دراسة أخرى توصلت البروفيسورة إليزابيث دان التي ترأست فريق قام بعمل دراسة على 632 شخصا أن الذين أنفقوا أموالهم على الآخرين كانوا أسعد من أولئك الذين أنفقوا أموالهم على ملذاتهم الشخصية! وفي تجربة أخرى تم إعطاء 46 طالبا متطوعا مظروفا فيه 20 دولارا، وطلب منهم أن ينفقوا المال في موعد غايته الساعة الخامسة مساء، إما على أنفسهم أو على أشخاص آخرين. وبينت التجربة أن الذين أنفقوا هذا الكسب المفاجئ على الآخرين شعروا بأنهم أسعد حالا في نهاية اليوم من أولئك الذين أنفقوا المال على أنفسهم. وعلى المستوى الشخصي تعلمت من مدرسة العطاء (والدي حفظه الله) قاعدة ذهبية جدا يستشهد فيها على أن العطاء يجب أن يكون أولوية أولى لكل لبيب، حيث يقول لنا الله الكريم في كتابه العظيم «وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين». وهذه رسالة واضحة بأنه بعد البعث لو كان لنا عودة وخيار وحيد للنجاة سيكون من خلال العطاء.

لذا يجب أن يكون العطاء منهجا فكريا قائما على قواعد تجعل من العطاء مصدر سعادة، وليس مصدر تعاسة وخسارة! يجب بناء عقلية لديها إيمان عميق وعلمي وعملي بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم «ما نقص مال من صدقة»! عقلية منطلقها 4 قواعد ذهبية للعطاء.

1 – العطاء لي وليس لهم:

عقلية تدرك أن صاحب العطاء هو الرابح الأكبر، وليس من حصد العطاء! عقلية لديها إيمان عميق بأن العطاء هو سبب من أسباب حصد الأجر في الدنيا والآخرة، كما أنه مصدر للسعادة وفتح أبواب الرزق وبناء العلاقات والمكانة الاجتماعية، بل ومصدر للصحة النفسية ومصدر من مصادر علاج الاكتئاب، كما ذكر روبرت والدنغر أن إحدى طرق معالجة الاكتئاب المزمن دفع المرضى لمحاولة مساعدة الآخرين، وبالتالي الخروج تدريجيا من حالة الاكتئاب.

2 – عطاء دون انتظار الرد:

عقلية تدرك أن العطاء يَفسُد إن صاحب هذا العطاء مَنٌ وأذى، أو كان عطاء مشروطا، أو عطاء ينتظر صاحبه الرد! لذا دوما نسمع من كبار السن عبارة (افعل الخير وارمه في البحر) وهي دلالة على استحالة عودة ما رميت لك مرة أخرى، وهذا أصل ثابت في العطاء الذي يجلب السعادة.

3 – عطاء متنوع:

العقلية المعطاءة تدرك أن العطاء ليس فقط عطاء ماديا، بل هناك عطاء بالوقت والجهد والمعرفة والمواقف. عقلية لا تتعذر أو تتأخر عن العطاء لأنها لا تملك الكثير، بل تعطي بما لديها، وتدرك دورها الحقيقي في الاستخلاف في الأرض ولا تتمحور حول الإنفاق على ذاتها فقط.

4 – حث الآخرين على العطاء: عقلية العطاء لا تكتفي بالتميز في العطاء، بل تنتقل إلى مرحلة التأثير من خلال حث الآخرين على العطاء حتى تتوسع دائرة العطاء من خلال زيادة وعي الآخرين بأهمية العطاء وفرصه، حتى يتحول هذا العطاء إلى عطاء مؤسسي مستدام بين أفراد المجتمع وينتقل من الفردية إلى الجماعية.