المقالات

فكر بيدك!

 

قالت الدكتورة سوزان غولدين من قسم علم النفس في جامعة شيكاغو بمجلة Cognitive Science «نغير عقولنا من خلال تحريك أيدينا». وهذا دليل على أن أجسادنا تلعب دورا كبيرا في طريقة تفكيرنا، حيث بدأ يعترف علماء النفس بشيء يعرفه الفنانون دائما، وهو أننا نفكر بأيدينا مثل أدمغتنا، وهذا مدخل لأهمية أن يكون التطبيق جزءا من عملية التفكير. ولعلنا نتفق أنه قبل الانفجار المعرفي كانت الفكرة بحد ذاتها مطلبا، بل ومطلبا ثمينا، ولكن لعلنا نتفق أيضا أنه وبعد الانفجار المعرفي تغير الحال! فالبناء على الأفكار الموجودة أصبح سهلا، والخروج بأفكار إبداعية بناء على المعلومات والبيانات الضخمة المتوفرة أصبح أمرا ميسرا! لذا أصبح الجميع قادرا على الخروج بفكرة أو القيام بدور مولد الأفكار، ولكن التحدي الحقيقي والحاجة الملحة اليوم تحويل هذه الأفكار إلى واقع ملموس مستدام! فاليوم عملية التفكير باليد تعتبر خطوة مهمة وأساسية لما بعد خروج الفكرة من الرأس، بل هي مرحلة تمهيدية لتنفيذ الفكرة حتى لا تكون الفكرة حبيسة الذهن أو الأدراج أو مجرد فنتازيا للاستعراض. وهناك أربعة أسباب جوهرية تحفزنا على الانضمام إلى فريق المفكرين الجدد الذين يفكرون بأيديهم.

1 العظماء فكروا بأيديهم:

لو تم استعراض سير جميع العظماء عبر التاريخ حتى هذه اللحظة ستجد أن لديهم إنجازا مرصودا، وهو ترجمة لفكرة لديهم، ولم يكتفوا بالفكرة فقط أو لعب دور المفكر! فالعظماء لا يفكرون ويتركون التنفيذ لغيرهم، بل يقومون بهذا الدور بالكامل، وربما يتركون لغيرهم دور التطوير والبناء على ما قاموا به. لذا الانضمام لعالم العظماء يتطلب الانضمام أولا إلى فريق المفكرين بالأيدي.

2 تفكير واقعي لا مثالي:

مباشرة التفكير باليد تنقلنا من مرحلة التفكير المثالي أو التنظيري الذي لا يمكن تطبيقه إلى تفكير منتج. ومن خلال المحاولة والخطأ والتطبيق والتطوير تتحول الفكرة إلى منتج مثالي واقعي، وليس مجرد فكرة مثالية يصعب تحقيقها.

3 النموذج الأولي يجود الفكرة:

على أقل تقدير أفراد فريق المفكرين بالأيدي يقومون برسم أفكارهم أو يقومون بعمل نموذج أولي لها أو يقومون باختبارها على مجموعة، في النهاية هم يقومون بهذه الخطوة كخطوة إجبارية لاختبار الفكرة قبل تعميمها، وعليه نسبة نجاح الفكرة ستكون مرتفعة بعد هذه الخطوة.

4 يحميك من دوامة جنون الأفكار:

التفكير باليد يجعلك تأخذ وقتا بين كل فكرة وفكرة، وتتحول من عالم الأفكار إلى عالم تنفيذ الأفكار! ولن تكون حبيس الإسهاب في عالم الأفكار وتوليد أفكار وراء أفكار، وكل فكرة تلغي أختها فتصاب بخيبة أمل بسبب أن جميع الأفكار لم تتحقق! ثم تبدأ في مهاجمة الآخرين فتتهم هذا بأنه سرق فكرتك والآخر ضد فكرتك والثالث مستواه أقل من أن يستوعب فكرتك! ثم تتوهم أن المجتمع ككل يحارب أمثالك من مفكري خارج الصندوق حتى ولو لم تصنع صندوقا واحدا!

فكر بيدك = تفكير العظماء + تفكير واقعي + تفكير مجود + تفكير تطبيقي

S_Meemar@