المقالات

أجساد بلا عقول في العمل!

83 % من الموظفين لديهم استياء من عملهم، حسب دراسة نشرها معهد (CIPD) Chartered لشؤون الموظفين والتنمية في بريطانيا. وهذه الدراسة المنشورة في تقريرهم السنوي حول الصحة والرفاهية في مكان العمل تتفق مع عدد كبير من الدراسات في ذات المجال. ولعل البعض يتوقع أن السبب الأول والرئيسي وراء ظاهرة الاستياء من العمل هو قلة الرواتب! وهذا غير صحيح حسب الاستطلاع الذي نشرته مجلة Forbes والذي أظهر أن الراتب يحتل المركز السادس بعد 5 عوامل أخرى، على رأسها العلاقة مع الرئيس المباشر، ثم التقدير في العمل، وثالثها بيئة العمل، ثم الضغوط النفسية، وخامسها التطور الوظيفي.

وبطبيعة الحال هذا الاستياء يقود الموظف للتواجد في العمل بجسد دون عقل! لذا تقل الإنتاجية وينعدم الإبداع وتختفي الرغبة في التميز وينخفض الأداء، ويزيد الغياب وترتفع نسبة التسرب من العمل.



وتأثير ذلك على العقل ليس رمزيا فقط، بل وظيفي أيضا، وهذا ما أكدته دراسة استهدفت 4963 موظفا ونشرتها مجلة Occupational and Environmental Medicine عام 2014، حيث وجدت أن هناك علاقة ما بين مكان وجود الإنسان وتأثيره على الذاكرة ومهارات التفكير، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، كما وجدت أن الوظائف التي ترهق الموظفين من ناحية جسدية وعاطفية وعقلية من شأنها أن تؤثر على الصحة والمهارات المعرفية لدى الموظف.
ومن وجهة نظري وبعد الاطلاع على عدد كبير من الدراسات في هذا المجال أستطيع تلخيص الأسباب التي تجعل الموظف يتواجد في العمل بجسده لا بعقله في 6 أسباب رئيسية.

– القائد ليس قائدا: عندما يقود مجموعة أسوأ شخص في هذه المجموعة من الناحية العلمية والعملية والمهارية والأخلاقية فإننا يجب ألا نتعجب من حضور الموظفين بأجساد بلا عقول.

– تكليف الموظف بعمل إضافي: عندما لا يعلم الموظف ما هو المتوقع منه، وعند تكليفه بأعمال إضافية وأعمال بعيدة عن طبيعة عمله ومسماه الوظيفي ودون مقابل فطبيعي أن يتواجد الموظف جسدا بلا عقل.

– تقدير الموظف المقصر: باب التقدير باب كبير ويفشل في دخوله الكثير من المنظمات، سواء في عدم وجود نظام تقدير لديها، أو وجود نظام تقدير لكن دون وجود معايير واضحة وشفافة له، أو تقدير مبني على العلاقات الشخصية والتمييز، فيتم تقدير الشخص غير المستحق، وبهذا يحضر باقي الموظفين العمل بجسد بلا عقل.

– عدم تطوير الموظف: المنظمات التي تفشل في خلق فرص ترقية أو تحديات جديدة لموظفيها، وتفشل في بناء منظومة تعليم وتدريب وتطوير مستمر في الغالب يحضر موظفوها العمل بأجساد بلا عقول.

– لا ثقة ولا صلاحيات: عندما تنعدم الثقة وتسحب الصلاحيات يتحول الموظف إلى آلة جامدة ثم يصاب بالملل، ومع الوقت يصاب بخيبة الأمل لعدم الاستفادة من قدراته فيقرر الاستمرار كجسد بلا عقل.

– بيئة اتصال فقيرة: بيئة الاتصال في العمل تشمل التواصل بين الموظفين والرؤساء والموظفين والزملاء والموظفين والمستفيدين والموظفين والبيئة الفيزيقية. فعندما تكون هذه البيئة فقيرة في تنظيم هذا الاتصال تكثر الشكاوى والصراعات وينخفض الرضا فيحضر الموظف العمل جسدا بلا عقل.

S_Meemar@